اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 527
حتى يتحقق كل من المكلفين بمقتضى ما اكتسب من الجزاء على مقتضى العدل الإلهي والقسط الحقيقي الذي هو صراطه الأقوم ثم لما كان كثير من المنهمكين في الغفلة والضلال منكرين عليها مكذبين لها انزل سبحانه هذه الصورة على حبيبه تبشيرا ووعدا للمؤمنين الموقنين وتهديدا ووعيدا للمنافقين المكذبين على الأنبياء المذكورين فيها فقال متيمنا بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر في النشأة الاولى والاخرى على العدل التقويم الرَّحْمنِ لعموم عباده بالدعوة الى دار السّلام وجنة النعيم الرَّحِيمِ لخواصهم بالفوز الى شرف اللقاء وانواع التعظيم والتكريم
[الآيات]
قد اقْتَرَبَ ودنا وقرب لِلنَّاسِ الناسين عهود ربهم التي عهدوا بها معه سبحانه في مبدأ فطرتهم الاصلية من حمل امانة العبودية المشتملة على انواع المعارف والحقائق وقبول أعباء الايمان والتوحيد ومشاق الأعمال ومتاعب التكاليف المقربة اليه حِسابُهُمْ اى قد قرب وقت حسابهم وانتقاد أفعالهم وأعمالهم الصالحة المقبولة عند ربهم وامتيازها من الفاسدة المردودة دونه سبحانه وَهُمْ بعد مغمورون مستغرقون فِي غَفْلَةٍ عن ربهم وعن حسابه إياهم بل أكثرهم مُعْرِضُونَ عنه بحيث لا يلتفتون نحوه أصلا بل ينكرون وجوده فكيف حسابه وعذابه لذلك
ما يَأْتِيهِمْ وينزل عليهم مِنْ ذِكْرٍ وعظة حتى ينبههم عن سنة الغفلة ويوقظهم عن رقدة النسيان صادر مِنْ رَبِّهِمْ بوحي مُحْدَثٍ مجدد حسب تجددات البواعث والدواعي الموجبة للانزال بمقتضى الأزمان والأعصار: إِلَّا اسْتَمَعُوهُ اى الذكر المحدث وَهُمْ حين استماعه من غاية عمههم وسكرتهم يَلْعَبُونَ به ويستهزؤن بمن انزل اليه حال كونهم
لاهِيَةً نفوسهم ذاهلة قُلُوبُهُمْ عن التأمل فيه والتفكر في معناه والتدرب في رموزه وإشاراته وَهم وان اغفلوا نفوسهم وقلوبهم عنه لفرط عتوهم واستكبارهم لكن قد تفطنوا بحقيته من كمال اعجازه ومتانته لكونهم من ارباب اللسن والفصاحة واصحاب الزكاء والفطنة لكنهم قد أَسَرُّوا النَّجْوَى وبالغوا في إخفاء ما تناجوا في نفوسهم من حقية القرآن واعجازه وبالجملة هم الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بارتكاب الكفر والمعاصي وانواع الفساد والضلال عنادا ومكابرة ومع ذلك قد قصدوا ايضا اختلال ضعفاء الأنام حيث قالوا لهم على وجه الإنكار تغريرا هَلْ هذا اى ما هذا الشخص الحقير الذي قد ادعى الرسالة والنبوة والوحى والإنزال إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وهو من بنى نوعكم لا مزية له عليكم والرسول المرسل من جانب السماء لا يكون الا ملكا أَتميلون ايها العقلاء المتحيرون نحوه وتزعمونه صادقا بواسطة خوارق صدرت عنه على سبيل السحر والشعبذة مدعيا انه معجز مع انه ليس كذلك فَتَأْتُونَ تقبلون وتحضرون السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ آلاته وأدواته وتعلمون عيانا انه سحر مفترى هل تصدقونه أم لا وهذا تسجيل وتنصيص منهم على كذب الرسول على زعمهم واغرار وتضليل منهم على ضعفاء الأنام وحث لهم على تكذيبه وانكار ما اتى به
قالَ يا أكمل الرسول في جوابهم والرد عليهم رَبِّي الذي رباني بأنواع الكرامات والمعجزات يَعْلَمُ الْقَوْلَ اى جنس الأقوال والأفعال والأحوال الكائنة فِي السَّماءِ في عالم الأرواح وَالْأَرْضِ في عالم الطبيعة والأشباح وَكيف لا يعلم مع انه لا يعزب عن علمه شيء إذ هُوَ السَّمِيعُ المقصور على السمع بحيث لا سميع سواه الْعَلِيمُ المستقل بالعلم لا عالم الا هو ثم اعرضوا وانصرفوا عن قولهم بسحرية القرآن لاشتماله على البلاغة والمتانة وانواع الخواص والمزايا الفاضلة الممدوحة عندهم الى ما هو الأدنى والأنزل منه
بَلْ قالُوا على سبيل الإضراب ما هو الا أَضْغاثُ أَحْلامٍ اى من تخليطات
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 527